قصة الدراجة

جديدة! لامعة لم يركبها أحدٌ سواي... شكلها الصغير (لا بأس به)! إنها الدراجة التي اشتراها لي أبي، والتي جاء بها من المدينة.. إنه يحبني كثيرًا.. وقد وعدني بإحضار دراجة أكبر منها عندما أصبح في العاشرة من عمري، وأنا أثق بوعده..

كنت في الصباح أسرع إلى حيث وضعتها.. أنفض الغبار عنها.. أتحسس دواليبها.. أمسح مقودها.. وأتأمل في مرآتها.. وحين أخرج بها كنت أراها تلفت الأنظار.. كان الأطفال يتوقفون عن اللعب.. ويتطلعون إلي.. حتى الجيران كانوا ينظرون إلي بإعجاب.. فهذه الدراجة ليست عادية.. لقد اشتراها أبي من المدينة الكبيرة.. وما إن وصلت إلى الساحة حتى التف الأطفال حولي.. يطلبون مني أن أسمح لهم بركوبها.. كنت أرأف بحالهم، فيركبها أحدهم قليلًا.. ثم يفسح المجال لآخر، وهكذا..

في ذلك اليوم حانت ساعتي، فقد كانت الشمس في كبد السماء، والجو حار جدًا، والساحة خالية إلا من بعض الأولاد الذين ينظرون إلى دراجتي بعيون ملتهبة، وما كادت قدماي تلامسان الدواسات حتى أحسست كأنني فوق بساط الريح.. كنت أسرع بها، والهواء يضرب وجهي.. وأتخيل نفسي أطير في الفضاء..

فجأة سمعت صوت ارتطام عجلتها الأمامية بالحجر.. ثم سمعت صوت ارتطام رأسي بالأرض.. لا أذكر كيف تم ذلك، ولكني شعرت بآلام شديدة في ركبتي وذراعي ورأسي.. فصحت مستنجدًا..

أحاط بي الأطفال.. بعضهم ينظر إلي بخوف.. وآخرون يحاولون مساعدتي.. وكنت أشعر بدوخة شديدة.. لم أستطع الحركة.. ولا الكلام.. فما كان منهم إلا أن أسرعوا للنداء على أبي..

جاء أبي.. حملني.. وعاد بي إلى البيت.. وضع عليّ الكمادات.. ثم أخذني إلى المستشفى.. وهناك أدخلوني غرفة العمليات.. ولم أعرف ما حدث بعد ذلك.. فقد أفقت وأنا في غرفة أخرى.. كان الأطباء والممرضون حولي.. وقد لفوا رأسي وذراعي وركبتي بالضمادات.. أما دراجتي فقد تحطمت تمامًا..